المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠١٣

حديث الصور

صورة
اصطفت الملاقط الخشبية على حبل التعليق في غرفة التظهير المظلمة وكأنهن شواهد قبور زاداها الضوء الأحمر الخافت رهبة فتدلت منها الصور مترنحة أمام عين الكاميرا الموضوعة على الطاولة الجانبية كمشانق لا زالت مصلوبة بعد تنفيذ حكم الإعدام ... بدأت الصورة الأولى في الحديث أنا خالد الطفل الذي كان يحلم بالمدرسة لم أصل بعد إلى السن القانونية التي تخولني الدخول كنت سأرتادها في العام القادم . لا أعرف الكثير كل ما أذكره أصواتهم ووجوههم المتربة القاسية كانت سكاكينهم تعمل فينا _عائلتي  أبي وأمي وأخوتي الثلاثة وأنا_ كنت الأخير بينهم بعد أن أجهزوا على عائلتي اقترب مني أحدهم والنصل الحاد لأسنانه المصفرة يشق ظلام الليل فينصفه لم أتمالك نفسي من الخوف فبللت بنطالي  _.لطاما أمي وبختني لمثل هذا الفعل فالمياه والكهرباء مقطوعة أغلب الوقت _ لم يمهلني الرجل طويلاً فقد رفع سكينه وحز عنقي بها ومض الألم وبعدها رأيتني ارتقي إلى السماء كنت أعرف مسبقاً أني سأذهب للجنة أمي أخبرتني ذلك في العام المنصرم حين ماتت قطتي ودفنتها في حديقة منزلنا قالت لا تحزن ستنتظرك على باب الجنة لكني لم أكن

وصية حية ...

صورة
  عند موتي ...أريد أن تقوم شيختي بمهمة تغسيلي الغسل الأخير لو كانت حية أو ابنتي لو استطاعت ذلك أو أختي الكبيرة التي لطالما تولت هذه المهمة في صغري كانت تفرك لي رأسي بصابون الغار ذو الرائحة المميزة وأنا أجلس على مقعد الحمام ا لمنخفض وسط هذه الطقوس صامتة ممتنة ومغمضة العينين حتى لا تلسعني فقاعات الصابون الكثيفة وإن صعبت عليها المهمة لثقل جسدي بعد الموت فلتهيل علي أول حفنة من ماء ولتجعلها دافئة فالبرد قارص في الضفة الأخرى كما يقال . أرجوكم لا تحشوا فمي بالقطن فمنذ ولدت وهو كذلك دعوني أرتاح من عبء السكوت فالأسرار هناك معلنة والكلام مباح طوال حياتي كنت أبحث عن صوتي أجرب أن أحرك شفاهي علها تتطابق مع صوت أحدهم لكن صوتي بقي معلقاً يتأرجح على حبالي الصوتية يجرب أن يكون بنبرة ذكورية أكثر و بحدة أعلى عسى أن يصبح مسموعاً يوما ما . لا تغلقوا أنفي بسدادات قطنية أريد أن أشتم رائحة المسك والكافور ورائحة الأيدي التي تمسح على وجهي تقبلني قبلة الوداع أريد أن أعبء رئتي بالهواء المملوء بضجة الحياة فالقبر لا يحوي سوى سكون الموت والاختناق  لا تعقدوا الكفن حول يدي ...د

كنت نخلة ....

صورة
كنت أظنني نخلة تضرب جذورها عميقاً في أرض نجد قبل أن يبدأ جدي الأكبر تغريبته الأولى مهاجراً  يضرب في الأرض  بحثاً عن الرزق وهو لا يعلم أنه بذلك كان يكتب تاريخي أنا ... حط به الترحال وألقى عصاه ليبني خيمته الأولى بيت طين في حيفا غارساً نخلته التي استحالت هناك في الأرض المباركة إلى شجرة زيتون لا شرقية ولا غربية بل متوسطية تطل على البحر الذي يربض عند أقدامها في قريته الصغيرة التي تتكئ على كتف حيفا جنوباً . وهناك صرت زيتونة مباركة أعصر زيتاً ..فأرى أمي وهي طفلة صغيرة تعرج على المعصرة القديمة لتغمس رغيف الخبز المنتفخ  الذي تلقفته من إحدى النسوة بقرب الفرن الطيني لتكون بذلك قد حصلت على فطورها الصباحي لم يطل بي المقام كثيراً بقرب البحر فقد بدأ أبي هذه المرة التغريبة الثانية القصرية حين هاجر للشام تاركاً خلفه بيته الحجري وبساتين البرتقال وبقية الجذور في الشام وتحديداً في أزقة دمشق نبتُّ كعريشة ياسمين في شرفة منزلنا أنثر أزرار الياسمين كل صباح كمطر يتحلق تحته الصغار فيخيطون منه أطواقاً وقلائد بيضاء ... وكأن الحنين يشدنا دائماً إلى الأرض التي نبتنا منها إلى قبضة