نخب الليلة الأخيرة...
(عربة القطار الأخيرة تشابه اليوم الأخير في السنة موحشة وكئيبة وتسخر من المسافرين المتأخرين ليحاولوا اللحاق بها لكن دون جدوى) يلملم أوراقه المبعثرة من فوق وجوهنا، يحزم حقائب مليئة بذكرياتنا ومشاعرنا فيعلق سحاب أحد حقائبه بغصة ﻷحدهم يعالجها بخفة يد ويزيلها بلا اكتراث ويكمل المهمة، يكنس رصيف مغادرته جيدا لا يريد علب كوكولا مرمية في وداعه ولا ورود ذابلة ولا شمع ذائب هو يكره إلتصاق الشمع بأسفل حذائه حين يغادرنا راحلا لأنه يعتقد ذلك فألا سيئا ودعوة للبقاء والأمر لا يحتمل التأجيل ، لا يحب الوداع لذلك لن يلتفت حين يدير ظهره لنا لن يحاول أن يرى ماذا سيفعل العاشق الغر حين تغمض حبيبته عينيها امتثالا لأمره وانتظارا للهدية ، لن يأخذه الفضول ليعرف ماذا جلب لها في العلبة الصغيرة، لن يكترث ببكاء امرأة تجلس على مقعد مغادرته وحيدة، لن يبق ليسأل الطفل عن أمنيته الجديدة، الطفل الذي شاهده طوال فترة مكوثه بيننا وهو يكتب أمنياته ويطلقها للريح كي تصل إلى الله، لن يمسح على رأسه ويسأله هل تحققت أمنياتك السابقة أم لا ؟! هل كانت أمنية واحدة أما أمان مجانية ؟! حين يشرع في المغادرة لن ينتظر أحدا استوقفه يسأل...