محاولة انتحار فاشلة ...

حين أنظر إلى النافذة المعلقة على حائط غرفتي في بروازها الفضي تراودني نفسي للسقوط 
لكني أعدل عن الفكرة وأتخيل أني صعدت إلى سطح عمارتنا ذات الطوابق الأربعة ووقفت على 
حافته في بهيم الليل فأنا لا أحب الأضواء ولا الجمهور العريض الذي سيحتشد عند وقوعي من هذا العلو ..
أعرف أني سأرتدي الثوب الأبيض الذي إشتريته مؤخراً فما عدت أتلقى الهدايا من أحد 
وأعرف أني سأخلع نعلي عند سور السطح الاسمنتي لأني أحب مراقصة الموت حافية
 وسأرتقي السور على حذر ليس خوفاً من السقوط بل حتى أنتشي بكل لحظة من محاولتي تلك ..
سأقف بهدوء وأتنفس ببطء أغمض عيني وأنكفئ رويداً رويداً حتى أفقد توازني فتغلبني قوانين الجذب
لذلك أجريت حساباتي بدقة فلا مجال للخطأ
فحين حسبت المسافة بين السطح والأرض وجدتها حوالي ستة عشر متراً و لأن سقوطي هو سقوط حر
فيصبح الزمن اللازم لبلوغ الأرض هو حاصل قسمة المسافة على قيمة تسارع الجاذبية فيكون زمن السقوط
تقريباً ثانية ونصف هي كل ما أملك في زمن اللارجوع زمن النهاية واسترجاع الذكريات 
هذا الزمن الضئيل الشحيح الذي يفصل الموت عن الحياة إلى ماذا يتسع يا ترى؟
إلى تذكر وجه واحد ..إلى لفظ كلمة واحدة أو شتيمة واحدة ..إلى طرق مفتاح بيانو ثلاث مرات وحسب
هذا الزمن لا يكفيني أبداً أريد أن أهوي ببطء كما في تصوير بطيء للقطة هامة 
كهدف الفوز في اخر لحظة من المبارة الأخيرة لكأس العالم أو كلقاء بين عاشقين طال بهما الفراق
أو كدهشة في عيني طفل فقير يربح الجائزة الكبرى...
أريد أن تعبث الريح في شعري وثوبي أثناء سقوطي 
أن أدور حول نفسي كقطة تحاول أن تصل للأرض واقفة على قوائمها 
أريد وقتاً لأقول لك أنا حرة أخيراً 
أريد أن أستعيد أحلامي أن أمتلك جناحين أطير بها مسافة السقوط قبل ان أصطدم بالأرض
أريد الصراخ بأعلى صوت فمنذ أن أبتلعت أنت صوتي أصبحت بكماء أتحدث لغة الإشارة التي لا يفهمها غيرك
أريد أن أكون فتاة سيئة فأشتم الذين يقفون في طريق سقوطي وأوقظ أهل الحي على مشهد مرعب
أريد أشياء كثيرة لن يمنحني إياها هذا الزمن الضئيل 
الآن عرفت لماذا يبنون الأبراج المرتفعة ؟!!
حتى يحظى الساقطون إلى الأسفل بفرصة للكلام 
بفسحة للرقص وربما بثواني عديدة تمنحهم وقتاً أخيراً للندم 


لن أفعلها ....


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وحيدة في المقهى....

رسائل مهجورة ....

صفعة أخيرة