ثمة ضوء أزرق في عيني

حين بدأت بقراءة الضوء الازرق شدني خوف الكاتب من الجنون وكيف أنه يقف على المرآة ليخاطب نفسه :ابق على الخط . يتعلق بهذا الخيط الرفيع بالعقل كي لا يفقده .
المثير أني كنت أفعل عكسه كنت أدعو نفسي بالمجنونة أدعي الجنون كي لا أجن في مرة كنت أحدق بالمرآة وحين تعمقت بداخل عيني انفصلت صرت ثلاثة أشخاص شخص بالمرآة لا أعرفه وشخص يسكنني وشخص آخر تماما يتلمس وجهي بيد غريبة عني .
لم أعد لهذا التحديق حتى أني أتعمد أن لا أفكر في انعكاسي كثيرا كي لا يفاجئني و يمد يده ليزيل رمش عيني العالق على وجنتي ويقول لي تمني أمنية .
في أمي رأيت كيف يكون الجنون عقابا والذاكرة الصدئة فخا وسجنا كيف يكون الزهايمر لعنة !
وصرت أخشى أن يصيبني كنهاية هزلية أخرى وكوراثة لعينة تمد لسانها في وجهي وما زاد الطين بلة أن خادمة أمي الاندونسية والتي تمتلك عينين مسكونتين وهالتين حمراوين تحيطان بحدقتيها كأنها حلقة نار هذه الخادمة تنبأت بأن أحدى بناتها سترث لعنتها (الزهايمر) وأخواتي السبع المأفونات رشحنني لهذا الدور ﻷني كنت الأثيرة لدى أمي :)
مؤخرا حين رآني أخي بعد غربة سبع سنوات سألني أكثر من مرة هل تضعين عدسات لاصقة ملونة فأخبرته بالنفي ليبدي استغرابه وأنه يذكر عيني بلون مغاير وأن عيني تلمعان وفي قول آخر تشتعلان ،لربما بالفعل يسكنني شيء ما .
ما استرعى انتباهي في الرواية هو الضوء الازرق لم هو أزرق ،الضوء الأزرق الذي يرمز للنفس الأمارة بالسوء كما يقول الكاتب نسبة لأحدى الطوائف الصوفية (تعتقد الطائفة الصوفية النقشبندية بأن للإنسان عدة أنفس ولكل نفس لون خاص بها فاﻷورق لون النفس الأمارة بالسوء أما الأحمر فلون النفس الملهمة والأبيض لون النفس المطمئنة والأخضر لون النفس الراضية والأسود لون النفس المرضية(التي أرضاها الله ) أما الأصفر لون النفس اللوامة .)

النفس الأمارة بالسوء هي المسؤولة عن كل عذاباتنا عن تجاربنا عن حصيلة حياتنا عن ذنوبنا لكنها النفس الحقيقية البدائية المعجونة من طين و نور من جسد وروح نزعة علوية وأخرى سفلية وعلينا ان نقبلها .
ربما ﻷن اللون الأزرق هو لون السماء  هذا المدى الرحب ويتولد هذا اللون عن انعكاس الضوء الأبيض على الجسيمات في الغلاف الغازي كجزيئات الاوكسجين فيتشتت ليخرج الأحمر والازرق ولأن الازرق يتشتت بتسع مرات أكثر من الأحمر فتتلون السماء باﻷزرق .
هذا التشتت الذي يشابه النفس الأمارة التي تتنازعها الرغبات تتخطفها تشدها لأصلها الطيني .
هذا التشتت الذي يودي بصاحبه للجنون حين يتخبط في كل الاتجاهات ويصطدم بالواقع والمجتمع .
هذا التشتت الذي يجعل الانسان لا يتوازن مع نفسه لا يفهمها كما يجب لا يصغي لها ليبق في مكانه وحسب.
الضوء الازرق هو الهالة الروحانية التي يعكسها جسدنا وربما يكون كل ذلك هراء.
     
                                         

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وحيدة في المقهى....

رسائل مهجورة ....

صفعة أخيرة