صفعة أخيرة


 الصوت الذي يقض مضجعي منذ أيام بات يقلقني.

الصوت الذي يزداد كلما هبت الريح نافضة معها ستائر النافذة المواربة.

الصوت الذي يبدو كأنين وأحيانا كاصطكاك حاد الصوت الذي يكاد يكلمني كأنه يقول أنا خائف، اضطرني مؤخرا للبحث عنه في زوايا غرفتي.

فتشت أولا تحت السرير فعادة ما تربض الوحوش الهاربة هناك

خلت أني رأيته حين زحفت على ركبتي وعلى يدي احاول الوصول لتلك المساحة الرطبة والمظلمة ولكن للأسف لم تكن سوى لعبتي القديمة التي أهملتها الدمية التي خلعت قدميها في فورة غضب الدمية العاجزة كانت تنظر لي بحقد شديد وببعض العتب وحين حاولت الإمساك بها اختفت.

نهضت مسرعة وانا أقنع نفسي بأنني تهيأت وجود دميتي الكسيحة تحت السرير فكيف ستصل لهناك وانا قد رميتها منذ سنوات.

حاولت البحث في مكان أخر فلجأت لصندوق الذكريات كما ادعوه حيث توجد صوري وبعض خطابات قديمة ومحاولات شعرية أنكرتها وهناك ازداد الصوت كثافة حتى خلته سيخرج من الصور والقصاصات التي بين يدي فقد كان يعصف بشدة وكأنه طير حبيس يرفرف بجناحيه بداخل قفص صغير خانق.

أغلقت الصندوق فكف الصوت عن مضايقتي ولكنه عاد يطرق مجددا وهذه المرة كان داخل رأسي قويا واضحا لا لبس فيه رتيبا كأنه بندول ساعة اثرية ومزعجا كطفل لحوح رجعت للبحث في كل الاتجاهات وانا امسك رأسي حتى رفعت بصري للأعلى كي أدعو الله أن يصمت هذا الصوت لأبصر أخيرا ضالتي مجسدة بالجثة المعلقة والمتدلية من سقف غرفتي. الجثة التي تصطك قدميها الحافية كحورية بحر ملقاة على اليابسة

الجثة التي تأن رقبتها المعلقة بحبل ليفي قذر وقد جعلت رأسها يميل قليلا باتجاه اليسار وكأنه يمد خده اليمين للحياة لتصفعه الصفعة الاخيرة 

الجثة التي تتحرك كبندول الساعة مختصرة وقتها السرمدي ومتعجلة في الوصول

الجثة التي كانت تحمل وجهي الذي اعرفه

الجثة التي لم تكن سوى أنا بدون أقنعة بدون مساحيق التجميل. 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وحيدة في المقهى....

رسائل مهجورة ....