وجوه زائفة في مرايا متربصة


لم أعرف لماذا بدأت المرايا تلاحقني؟!!
وأنا التي عشقت كل أنواع المرايا وأشكالها
من المستطيلة إلى المربعة والدائرية حتى الصغيرة منها
وواجهات الزجاج المظللة.
بدأ الأمر حين استيقظت ذات صباح متأخرة عن عملي
هرعت إلى الحمام لأغسل وجهي وأسناني
لأفاجئ بالمرآة في حمامي تعكس صورة لأمرأة مسنة تشبهني
بشعر أشيب وعيون متهدلة وتقول لي: لقد تأخرت كثيراً وكثيراً جداً
فاتك الموعد ...ظننتني ما زلت أحلم أو أن النوم لم يزل يخدر بعضاً مني
فخرجت مسرعة من الحمام .
ارتديت ملابسي على عجل وتوجهت نحو المصعد القديم في عمارتي الذي
كنت في كل مرة أركبه تحيلني مرآته إلى أشكال مضحكة فمرة أبدو بوجه
مستطيل وأخرى بوجه مفلطح لكنها هذه المرة طالعتني بوجه دائري مكتنز
وأوداج منتفخة وكانت تقول لي :لن تستطيعي الوصول بهذا الحمل الثقيل
على ظهرك..
يممت وجهي نحو باب المصعد وتركت مرآته خلفي ورحت أعد الثواني
منتظرة أن يفتح باب المصعد ويلفظني خارجاَ خائفة من أن تخرج
صورتي المنعكسة فتربت على كتفي لتكمل حديثها الساخر معي .
وما أن غمرني ضوء الشمس حتى تنفست الصعداء وأوقفت أول
سيارة أجرة مرت بي .

جلست بالمقعد الخلفي متوجهة إلى عملي أحاول أن أطرد ماحصل معي
مؤخراً من حكايا المرايا المتربصة  ولكنني لم أعرف حقيقة كيف
انسدلت المظلة الأمامية التي بجانب السائق بمرآتها المزدوجة
لأرى صورتي تظهر مقتولة بأنشوطة مشدودة حول عنقها وهي تقول لي:
لن تفلتي في كل مرة –منهم- !!
اختبئت خلف المقعد ورحت أردد في سري
ياخفي الألطاف نجنا مما نخاف لترد علي صورتي في المرآة
مما نخاف ...مما نخاف!!
وصلت  أخيراً إلى عملي منهكة وخائرة الأعصاب .
وفتحت جهاز الحاسب الآلي لتطالعني شاشته السوداء كمرآة صقيلة
تعكس صورتي بنظارة وحدبة كبيرة على ظهري قائلة: هذه الحدبة
وسام لك على عملك الدؤوب لتومض الشاشة بعدها وتختفي الصورة.

 وفي حال وصولي إلى بيتي لاحقاً
ركلت الباب وخلعت حذائي ثم ركضت إلى
كل المرايا لأغطيها بورق الجرائد القديمة لا أريد رؤيتي بعد اليوم.

حينما أويت إلى سريري ليلاً تسلل ضوء القمر من نافذتي وألقى بظله
علي لأرى خيالي الأسود نائماً بجانبي على السرير وهو يمد يديه
ليحضنني ويقول : لا خليل لك سواي ويبتلعني .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وحيدة في المقهى....

رسائل مهجورة ....

صفعة أخيرة