ليل دمشق الطويل


يركض الليل في دمشق
يطارد النائمين
يوقظهم إلا قليلاً
يحصد بمنجله النجوم الوليدة
ويجمعها في سلته
يتباهى بحصاده أمام آلات التصوير
ما عرف أنه بذلك يوقظ
ذئاب الجوع
ويدعوها لتنهش لحمه
ما عرف أنه يدق المسمار الأخير
في جدار نعشه

في دمشق يرقص الليل رقصته الأخيرة
يبرع في نقل خطواته
يتبع الخطوة إثر الخطوة
وينسى أن الجمهور
قد مل الرقصة الرتيبة
يرفع يداً يخفض رجلاً
ويحرك عجزاً
وما يثير فينا إلا الضحك القبيح
على مسرحيته الهزلية
وما يدري بأن الفجر
فينا يسري
بأن الفجر قد علمنا منذ الولادة
منذ تباشيره الأولى
بأنه قادم لا محالة
وقد أعطانا أوصافه حتى لا نضيعه
في المطارات مرة أخرى

في دمشق يطول الليل
يطوي معه أحلامنا الصغيرة
يجثم على صدورنا
فيغدو زجاجها هشيماً
ويربض على فتحات تنفسنا
فيستحيل الجو عقيماً
ولكنه حتماً لا يعلم
بأننا طورنا بقاءنا
فقد علمتنا التجارب الأولى
بأن نغير مواقع أعيننا
وأن نخفي مواطن نبض قلوبنا
وأن نحمل الفكرة في عقولنا
نعتقها في خوابي الأمل
ونقسم بأنها وإن متنا
ستولد من جديد وفي كل مرة
ستحطم شرنقة الحرير
وتطير كحورية خضراء
معلنة قدوم الربيع.....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وحيدة في المقهى....

رسائل مهجورة ....

صفعة أخيرة